آخر الأنباء

بقلم / د. أيمن نور .. اليوم مركز خالد سعيد ..وغدا قبره

..عندما دعاني الكاتب الصحفي الصديق العزيز /إبراهيم عيسى , أن أطل من سجني – يوميا – عبر هذه النافذة , بعد إغلاق صحيفة " الغد " كتبت في أول مقال لي يوم 5 ديسمبر 2007 أني لا أضمن سلامة الوصول إليكم !! لكني سأبدأ الرحلة !!
..كنت أدرك أن الكتابة اليومية من " سجن الوطن ", مخاطرة يومية , أما الكتابة اليومية من "سجن" داخل سجن الوطن ,هي عملية انتحارية .
..لم أكن أتصور أن الكتابة من السجن الكبير , أحيانا ما تصادفها عقبات وأسوار أكبر من عقبات وأسوار السجن الصغير !!
من 5 ديسمبر إلى اليوم " قرابة ألف مقال " كنت أتوقع ودائما في نهاية كل مقال أنه المقال الأخير , الذي سينجح في الهروب لما وراء الأسوار و الوصول إليكم في موعده أو حتى متأخرا قليلا أو كثيرا عن موعده !!
.. كل مقال كانت تنشره "الدستور" وأنا في سجني كان يجدد الأمل في قلبي , ويؤكد أن الأفكار قادرة على عبور الحواجز و الأسوار !! وأن الأفكار ترفض أن تموت في مهدها !! لم يتوقف مقالي يوما طوال سجني , وكنت أقول لنفسي : السجن فكرة بداخلنا , إما أن تملكك , أو تملكها !! إما أن تسجنك , أو تسجنها !!
..كنت كل يوم , أبذل جهدا في كتابة سطوري إليكم , وأبذل في صمت أضعافه , كي تصل هذه السطور إليكم صابحة , طازجة , ساخنة بنار السجن !!
.. كان هذا الشباك "اليومي" وكأنه طاقة سحرية أبادل فيها سطوري الهاربة إليكم , بأشعة الشمس , وطعم الحرية , الذي لم أشعر به طوال ألف يوم كنت فيها معكم بين مقاعد قطار الحبيبة والشريفة جريدة " الدستور " !!
.. شعرت معكم بطعم الحرية , بعد سنوات من مصادرتها – قهرا و عسفا – وانتقاما , تذوقت ثانية طعم الكلام , فتغيرت حياة السجن , ومواعيدي .. احتراما للقائي اليومي بكم الذي كنت قبله استيقظ حتى أصلي الفجر , ثم أنام , فأصبحت أستيقظ لأصلي الفجر وأبدأ بإرتداء كامل ملابسي و الإستعداد للقاء اليومي , بسماع جميع الإذاعات , ثم قراءة كل ما يصلني من صحف ودوريات ثم أفرغ لمهمتي المقدسة بالكتابة لكم , ثم البحث عن سبيل الوصول إليكم !!
.. الأسبوع الماضي توقف اتصالي بكم لأسباب قهرية أكبر من أسوار السجن ورقابة السجان .. توقف أثر أزمة صحية ألمت بي وأودعتني وحدة الرعاية المركزية بالقصر العيني الفرنساوي لمدة يوم أعقبه أجازة طبية اجبارية عن الكتابة والإنفعال .. ما زالت ممتدة !!
.. نجح أطبائي فيما لم ينجح به سجاني , وضاق قلبي بما اتسعت له بوابات السجون الضيقة..
.. اعتذر عن غياب لم أتوقعه !! وحضور اشتقت إليه , وأضاف لشهوتي للقاء يومي اعتدت على متعة التواصل معه .. فكل مسافر يستطيع أن يعود ويلغي رحلته لأسباب مختلفة إلا كاتب العمود اليومي , فهو محشور و الحقيقة و الأحداث في عربة واحدة في قطار لا يتوقف إلا بنهاية الحياة ..
.. توقفت مقالاتي عند الحلقة الرابعة من سلسلة مقالات خالد سعيد شهيد الطوارئ و أواصل اليوم الكتابة إليكم من حيث انتهينا .. لأعلن لكم أنني اليوم سأدشن في مساء السادسة بمقر حزب الغد بالإسكندرية مركز حقوقي بإسم "مركز خالد سعيد "للدفاع عن الحقوق والحريات و مناهضة التعذيب !!
.. وغدا الأربعاء الواحدة ظهرا يلتقي كل من سيوقع اليوم على تأسيس "مركز خالد سعيد " أمام قبره بمنارة الإسكندرية " الباب واحد "لنقرا له الفاتحة ونشاطر أسرته العزاء ..
.. والجمعة موعدنا لصلاة الغائب على روح الشهيد خالد في مسجد القائد ابراهيم حيث يشارك في هذه الفاعلية الجمعية الوطنية للتغيير بكافة قياداتها وكذلك الدكتور محمد البرادعي . (وللحديث بقية ) شاركوني .